إنّ مسأله تحدید وتنظیم النسل کما تقدم لا تعنی نظر أصحاب القوانین الوضعیه فحسب, أو علماء الطب والاجتماع وغیرهم, وإنما لا بد أن یکون للشرع أیضاً موقفٌ إزاءها، وإزاء الوسائل المستخدمه فی تحدید وتنظیم النسل علی النسق الملائم والمنسجم مع أهداف ومضامین الشریعه الإسلامیه, لذلک سنعرض فی هذا الفصل إن شاء الله حکم کل طریقه من شأنها أن تکون حائلاً دون الإنجاب وإیجاد الأولاد، مع ذکر آثارها. حکم العزل فی الإسلام: عند المذاهب الأربعه: حصیله ما توصلنا إلیه -علی سبیل الاختصار هنا- أن الأئمه الأربعه متّفقون علی جواز العزل عن الزوجه إذا کان برضاها, أما إذا لم یکن برضاها فالأئمه الثلاثه مالک بن أنس، وأحمد بن حنبل، والنعمان أبو حنیفه، متّفقون علی التحریم، بینما الشافعیه فی ذلک علی وجهین، منهم من وافق الجمهور، ومنهم من خالفه فأجازه مطلقاً.( 1) دلیلهم علی الجواز فی أصل المسأله: اعتماداً علی جمله من الأحادیث الوارده عن النبی ? فی هذا الشأن وقد تقدم ذکرها، منها: عن جابر أنه قال: کنا نعزل علی عهد رسول الله ? فبلغ ذلک رسول الله فلم ینهانا.( 2) ومنها: ما رواه البخاری ومسلم فی الصحیحین، وأیضاً الترمذی, وابن ماجه فی السنن, عن جابر ? قال: کنا نعزل علی عهد رسول الله و القرآن ینزل.(3 ) وغیرها من الروایات التی تدل علی جواز العزل لفظاً أو تقریراً. وأمّا دلیل شرط رضا الزوجه عندهم، ما ورد عن عمر بن الخطاب قال: نهی رسول الله ? أن یعزل عن الحره إلا بإذنها.(4 ) وکذا تدخل تحت قاعده (لا ضرر ولا ضرار) وتقریب الاستدلال: أن للزوجه فی الولد حقًّا مع الزوج، وفی تفویت هذا الحق إضرار بها. ثم إن العزل من شأنه أن یفوت علیها لذه الجماع، فإن عزل عنها بدون رضاً منها فقد أضر بها.

چکیده ندارد.

چکیده ندارد.

الحمد للّه الذی هدانا لهذا وما کنا لنهتدی لولا ان هدانا اللّه ثم الصلاه والسلام علی خیر الأنبیاء والمرسلین. اسوه الاولین والاخیرین أبی القاسم محمّد وعلی آله، خیر الحجج بعد رسول اللّه والمعصومین من کل دنس، وبعد: ان البحث الذی نحن بصدده یحتوی علی فصول أربعه. فی الفصل الأوّل الذی کان بعنوان تمهید البحث بحثنا فیه عن لفظ الشیعه لغهً واصطلاحاً ونشأه التشیع وانتهینا إلی ان لفظ الشیعه بمعنی جماعه متکتله من الناس وقد وضع بملاحظه الخصوصیات الموجوده فی فعلهم وهی التی یذکرها أهل اللغه بأنها أصل الاسم. کالانتشار والتقویه والاتباعه والتحزب لشخص وغیرها. واما المعنی الاصطلاحی فقد رأینا أن أوّل من استعمله کحقیقه شرعیه هو نفس الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله) وقد لقب بعض الصحابه بشیعه علی (علیه السلام) لبیان مرتبه ایمانهم بأنهم اکمل المسلمین أی بالتسلیم التام للّه ولرسوله ولوصیه قلباً وقولاً وفعلاً. ولکن توسع دائره الاستعمال عند المتشرعه فاکتفوا بالجانب الاعتقادی والفکری مع غض النظر عن الجانب العملی فالتشیع عند المتشرعه هی اکمل الاطروحه والشیعی هو أکمل المسلمین اسلاماً بغض النظر عن کونه یعمل أم لا. واما استقرار لفظ الشیعه کمصطلح متشرعی فکان فی زمن الامامین الباقر والصادق( علیهما السلام) ولا یعنی ان نشأه التشیع کان فی هذا الزمان بل کانت علی ید رسول اللّه (صلی الله علیه و آله) وهو أوّل من وضع بذره التشیع ثم بحثنا عن اهمیه المحافظه ومعنی المحافظه وقلنا ان مرادنا من المحافظه باصطلاحنا هو (رعایه وحمایه الشیعه الاقلیه فی العالم بصرف المکاره عنهم واسبابها سوء ودفعاً أو رفعاً لاجل تقویم النظام الشیعی الداخلی علی أسس الأیمان وحفظه وتقویته وتوسعته توطئه لاستقبال النظام العالمی الأکبر والحکومه المهدویه الکبری حیث یظهر اللّه الاسلام علی الدین کله) وقلنا ان المراد من الاقلیه هنا بلحاظین: 1- بلحاظ المناطق الجغفرافیه وبلحاظ بقیه المجتمعات فی دولهم فهم الاقلیه . 2- بلحاظ العالم والعولمه فهم الاقلیه فی قبال الاخرین. وفی اهمیه المحافظه وضرورتهما قد أوردنا بعض ادله نقلیه وعقلیه وعرفیه. واما من الاهداف المهمه التی ذکرناها للمحافظه هو القیام بالواجب الذی ثبت وجوبه بالادله، ومنها إعداد ارضیه للنظام الاصلح فی العالم وارضیه لاستقبال ظهور الإمام صاحب العصر والزمان (عجل اللّه فرجه) ودولته الکریمه وتقویه الکیان الشیعی. وبحثنا أخیراً فی هذا الفصل عن عوامل بقاء الشیعه فی طول التاریخ وانتشارهم بعد ان کانوا قلیلین ومضطهدین. ومن العوامل التی استطعنا ان نستخرجها هو قوه الانتشار التی یحملها التشیع لتوافق اطروحته مع الفطره والعقل، أو بسبب وجود قاده إلهیین، وهم الائمه المعصومین من آل محمّد (علیهم السلام) وغیرها من العوامل. الفصل الثانی: هو الذی یحمل اصل البحث. وعنونناه بعنوان المحافظه الاجتماعیه ثم قسمناه إلی فروع ثلاثه کما کان یقتضی البحث. فی الفرع الاول قدمنا مقدمات عامه فی فلسفه الاجتماع التی عاده تبحث فی کتب الاجتماع وذکرناالتی توافق الاسلام مع استدلالات نقلیه وعقلیه. منها ان الإنسان اجتماعی بالطبع والفطره وان العلاقه بین الفرد والمجتمع هی علاقه التأثیر والتأثر، بمعنی اصاله الفرد واصاله المجتمع معاً. وفی آخر هذا الفرع عرّفنا المجتمع الانسانی بانه (کل مجموعه من افراد البشر- قد یشترکون فی منطقه جغفرافیه معینه وقد لا یشترکون فیها - تربطهم رابطه ما معروفه لدیهم ولها اثر دائم أو موقت فی حیاتهم وفی علاقاتهم بعضهم مع بعض بحیث تلک الرابطه الوثیقه تجعلهم کالقافله الواحده فی سیاره تسیر بهم نحو مصیر ومقصد واحد فاذا وصلوا وصلوا جمیعاً وإذا تخلفوا تخلفوا جمیعاً). والفرع الثانی خصصناه بالبحث حول حقیقه المجتمع الشعی. ومع الأسف لم یکتب فیه مسبقاً فکان بکراً فی نوعه، واستطعنا ان نصل إلی نتائج مهمه جداً فی علوم الاجتماع .انتهینا إلی ان وجود المجتمع الشیعی کان امراً ضروریاً لاهداف الاسلام العالیه ووجود خطه اجتماعیه التی کانت ت وجود مجتمع لتطببق تلک الخطه. ولوجود التحدی الاجتماعی فی العصر الحدیث. ثم وجدنا ان نشأه المجتمع الشیعی کان بتخطیط من اللّه وتنفیذ من الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله) وترسیخ وتوسیع من الأئمه الاطهار (علیهم السلام). وهذه النتیجه استفدناها من مقدمات سبعه ذکرناها مفصلاً هناک. وقلنا ان انشقاق المسلمین إلی اتجاهین رئیسیین بعد وفاه رسول اللّه (صلی الله علیه و آله) کان نتیجه مخلفات اجتماعیه من المجتمع السابق الجاهلی وان بقاء مثل هذه المخلفات فی کل مجتمع جدید أمر طبیعی، وهو من السنن الاجتماعیه. وبحثنا بعد ذلک عن اساس العلاقه بین الفرد والمجتمع فی المجتمع الشیعی ورأینا ان العلاقه قائمه علی أساس الاحساس بالمسوولیه ولولاه لما امکن تکلیف المجتمع ولا الفرد. وذکرنا بعض اثار هذا الاحساس بالمسوولیه ومن قبیل التضامن والتعاون الاجتماعی والذب والدفاع عن مصالح المجتمع الشیعی. ثم قلنا ان هذا الاحساس فی الواقع هو الوعی الاجتماعی وفی هذا البحث استطعنا ان نصل إلی عناصر المجتمع الشیعی التی لم یصل الیها قبلنا احد علی الظاهر وهی التی اعتمدنا علیها فی معرفه أنواع العلاقات فی المجتمع الشیعی، هذه العناصر کانت عباره عن: 1 - اللّه ?- ودخوله لیس دخولاً عددیاً بل دخول هیمنه فی المجتمع. 2- النظام النظری - وهو عباره عن القرآن. 3 - النظام العملی - وهو عباره عن الحجج والقدوه والاسوه المعصومین (علیهم السلام). 4 - الإنسان أو الخلیفه. 5 - الطبیعه والأرض. 6 - العلاقه القائمه بین الإنسان وبین سائر العناصر. واما العلاقات التی تتفرع من وجود هذه العناصر هی عباره عن: 1- علاقه الفرد باللّه i. 2- علاقه الفرد بنفسه. 3- علاقه الفرد بسائر افراد المجتمع الشیعی. 4- علاقه الفرد بالقرآن. 5- علاقه الفرد بالحجج المعصومین (علیهم السلام). 6- علاقه الفرد بالطبیعه. واستنتجنا ان الفرد الکامل والإنسان الکامل فی المجتمع الشیعی هو من أحسن العلاقات السته. ثم ان هذه العلاقات هی التی توجد الاصناف وان کل فرد حسب العلاقه التی یقیمها مع بقیه العناصر یدخل فی صنف من الاصناف وانها، اما صنف الخیر واما صنف الشر. وهذه الاصناف دائماً فی الصراع. فالذی نقبله هو الصراع الصنفی دون الصراع الطبقی. وتوصلنا إلی ان الاسلام قد قسم الناس إلی مجامیع بمحاور مختلفه لاغراض اجتماعیه مفیده وسلیمه وحث الناس علی تشکیل مثل هذه المجامیع. من تلک المجامیع مجمع الأسره وهی تجمع أفراد الأسره فی بیت واحد بمحور القرابه علی حدود الأبوه والبنوه بغرض تربیه المجتمع فی نطاق ضیق وسهل الوصول، لاجل مساهمه الجمیع فی عملیه التربیه، کما دعاهم إلی مجامیع عبادیه کالصلاه وحضور الجنائز بغرض التعاون علی طاعه اللّه بمحور الایمان ، فلا رهبانیه فی الاسلام. فی هذا الفرع بحثنا عن بعض عقود اجتماعیه مهمه التی لها دور مهم فی تقویه المجتمع الشیعی والتی من الاسف الشدید قد هجرت أو وقع التهاون بها للجهل بمنافعها الاجتماعیه. منها عقد البیعه وعقد الأخوه وعقد النکاح خصوصاً المنقطع وغیرها من العقود. وبحثنا ایضاً عن حقیقه الوحده فی المجتمع الشیعی ورأینا ان المکان والزمان غیر داخلین فی تحدید المجتمع الشیعی وان المجتمع الشیعی ممتد زماناً من یوم نشوءه إلی یوم یبعثون وإلی کل منطقه جغرافیه. وان المحور محور العقیده وکونه علی الحق ومتمسکاً به و قائماً بالوظائف الإجتماعیه. وأخیراً، بعد بیان هذه الصوره الاجمالیه عن حقیقه المجتمع الشیعی اتضح تعریف المجتمع الشیعی فعرفناه بانه ( مجموعه أفراد البشر تربطهم رابطه الاسلام الکامل (التشیع) ولها أثر دائم فی حیاتهم وفی علاقاتهم بعضهم مع بعض ما داموا معتقدین بالاسلام الکامل ویعملون بوظائفه). فی الفرع الثانی بحثنا عن کیفیه المحافظه علی المجتمع الشیعی وقسمنا البحث إلی أربعه أقسام. فی القسم الأوّل بحثنا عن الأمور التی تراعی وتحافظ علی المجتمع من داخل المجتمع الشیعی علی نحو الدفع والوقایه. هذه الامور استخرجناها من الفرعین السابقین. منها ان الاسلام دین الفطره وان الإنسان اجتماعی بالفطره ومن أراد الدخول فی المجتمع فلابدّ ان یکون عن طریق الفطره ولابدّ من المحافظه علی الفطره لسلامه المجتمع وان کل المهالک الاجتماعیه منشأها مخالفه الفطره واتباع الهوی. والاسلام جاء لیحافظ الفطره فینبغی ان یعمل الإنسان بارشادات الاسلام لاجل الحفاظ علی فطرته وبالتالی یصل إلی الحیاه الاجتماعیه السعیده والسلیمه. وفی القسم الثانی بحثنا عن المشاکل التی یعانیها المجتمع الشیعی فعلاً وتهدده من الداخل وسمیناه رعایه المجتمع الشیعی رفعاً وعلاجاً. وذکرنا ثلاث مشاکل اساسیه وطرق علاجها بعد ذکر منائها. هذه المشاکل هی مشکله القومیه والقَبَلِیه والعنصریه ومشکله التحول الاجتماعی ومشکله الفساد الاجتماعی. وفی القسم الثالث جری البحث حول کیفیه حمایه ومحافظه المجتمع الشیعی من خارج المجتمع علی نحو الدفع والوقایه وذکرنا هناک مبانی اجتماعیه مهمه فی النظام الاسلامی التی ان طبقت فی الحیاه الاجتماعیه فالمجتمع الشیعی یبقی محفوظاً وبعیداً عن الهجمات الخارجیه وعن الانهیار الذی منشأ خارجی. من هذه المبانی حفظ العلاقات المادیه بیننا وبین المجتمعات الأخری، ومنها تطبیق احکام التعایش. وفی القسم الرابع من هذا الفرع جری البحث حول المشاکل الاجتماعیه التی تهدد المجتمع الشیعی من الخارج فعلاً وکیفیه العلاج بعد ذکر مناشئها. هذا القسم عنونناه بعنوان حمایه المجتمع الشیعی رفعاً وعلاجاً. من هذه المشاکل مشکله الفصل والطرد الاجتماعی ومنها مشکله تصفیه الهویه الاسلامیه الشیعیه. فی الفصل الثالث بحثنا عن الجهات المسووله عند المحافظه ووظیفتهم فی هذا المجال. من هذه الجهات ذکرنا الحوزه العلمیه والحکومه الاسلامیه وموسساتها العالمیه کالمجمع العالمی لأهل البیت (علیهم السلام) وأخیراً ذکرنا وظیفه الاقلیات الشیعیه فی المناطق المختلفه العالمیه. فی الفصل الأخیر وهو الفصل الرابع الذی کان عباره عن نتائج البحث قدمنا للمحافظین علی المجتمع الشیعی اصولاً عامه اجتماعیه التی لابدّ منها فی المحافظه الاجتماعیه وبدونها یصعب أو یستحیل المحافظه علی المجتمع الشیعی داخلاً وخارجاً. من هذه الاصول هو اصاله الفطره الفردیه والاجتماعیه واصاله التحذر من المخلفات الاجتماعیه. هذا البحث فی الواقع مجمل ومضغوط جداً وکان الغرض منه تنبیه المتخصصین فی هذا المجال عن اهمیه البحث وسعته وابعاده ومنافعه حتی یواصلوا البحث والتحقیق فیه. نفعنا اللّه والمومنین به فی الدارین وقرّبنا به عنده وعند المصطفین من المعصومین (علیهم السلام).